هل كان يمكن أن تقام بطولة كأس العالم لكرة القدم في جنوب أفريقيا هذا العام لولا نيلسون مانديلا؟
لا يبدو أن جوزيف بلاتر رئيس الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا) كان يعتقد أن هذا كان يمكن أن يحدث عندما قرأ اسم الدولة الفائزة بحق تنظيم المونديال في 15 أيار/مايو 2004 بمدينة زيورخ السويسرية.
حيث قال بلاتر وقتها : "إنك المهندس الحقيقي لبطولة كأس العالم هذه ، فوجودك وإلتزامك كانا سببا في تحقيق هذا الحلم" مخاطبا مانديلا المبتسم ذو الشعر الأبيض الكثيف بعد إعلان فوز جنوب أفريقيا بشرف تنظيم المونديال في محاولتها الثانية.
وبالنسبة لمانديلا ، الذي كان تنحى عن منصبه الرئاسي قبلها بخمسة أعوام ولكنه كان لايزال يتمتع بتأثير كبير ، فقد جاء إعلان الفيفا كاعتراف مدوي بقيادته.
وخلال عشرة أعوام من سقوط نظام الفصل العنصري بجنوب أفريقيا فازت دولة قوس قزح ، كما يعرف عن جنوب أفريقيا ، التي قادها مانديلا إلى الديمقراطية بشرف تنظيم المونديال.
وقال مانديلا /85 عاما آنذاك/ في سعادة غامرة لدى سماعه هذا الخبر : "أشعر أنني شاب في الخامسة عشرة من عمري".
وشن زعيم حزب المؤتمر الوطني الأفريقي حملة قوية لتفوز بلاده بشرف تنظيم كأس العالم 2010 مؤمنا بأن مفتاح الصلح بين السود والبيض في جنوب أفريقيا يكمن في بناء هوية مشتركة ، وهو الهدف الذي يمكن تحقيقه عن طريق عيش اللحظات المشتركة في الأحداث الرياضية.
إنها الوصفة التي جربها مانديلا من قبل وحققت نجاحا كبيرا عندما استضافت بلاده بطولة كأس العالم للرجبي عام 1995 بعد عام واحد من خوض جنوب أفريقيا أول انتخابات ديمقراطية بالبلاد.
ويتناول الفيلم السينمائي "إنفيكتس" للمخرج الأمريكي كلينت إيستوود الذي أنتج عام 2009 قصة نجاح مانديلا في حشد الجماهير السوداء لتشجيع فريق "سبرينجبوكس" ، في بادرة للنوايا الحسنة تجاه مواطني جنوب أفريقيا البيض المحبين لرياضة الرجبي.
وتبادل السود والبيض الأدوار في العام التالي عندما أحرز المنتخب الوطني لكرة القدم الذي يتكون غالبيته من اللاعبين أصحاب البشرة السمراء لقب بطولة كأس الأمم الأفريقية.
وبحلول عام 2000 كانت جنوب أفريقيا ، بفضل مانديلا ، قد اكتسبت خبرة واسعة في استضافة البطولات الرياضية الكبيرة تمكنها من تقديم طلب استضافة كأس العالم.
ورغم أن مانديلا جاب بنفسه دول العالم لجمع الأصوات لبلاده ، فقد خسرت جنوب أفريقيا بفارق ضئيل أمام ألمانيا بعدما غابت نيوزيلندا بشكل مفاجيء عن التصويت لاختيار الدولة المضيفة لكأس العالم 2006 مع العلم بأنها كانت تعهدت مسبقا بدعم جنوب أفريقيا.
وبعد أربعة أعوام فقط تقدمت جنوب أفريقيا بملف جديد لاستضافة المونديال تحت عنوان : "حان وقت أفريقيا ، وجنوب أفريقيا مستعدة".
ولم يترك مانديلا شيئا للصدفة هذه المرة.
وقال مانديلا : "لقد مر 28 عاما على اتخاذ الفيفا موقفه ضد كرة القدم المقسمة بسبب العنصرية ، فيما ساعد على استلهام القصة الأخيرة في الصراع ضد الفصل العنصري" مذكرا الفيفا بقراره عندما استبعد جنوب أفريقيا التي كان يحكمها نظام الفصل العنصري من سجلاته عام 1976 ، وهو العام نفسه الذي شهد عمليات القمع الدموية ضد الطلاب المتظاهرين في مدينة سويتو.
وواصل مانديلا حديثه مشيرا إلى أنه في سجن "روبن آيلاند" الذي أمضى فيه 18 عاما من إجمالي فترة اعتقاله التي إمتدت إلى 27 عاما خلف القضبان "كانت كرة القدم هي البهجة الوحيدة التي يحظى بها المسجونون".
وإن كان هذا الأمر ليس صحيحا كلية لأن بعض المسجونين الآخرين كانوا يلعبون الرجبي أو ، كما في حالة مانديلا نفسه ، كانوا يلعبون التنس أحيانا أو الشطرنج أو يساعدون في تشجير حديقة السجن.
ولكن كرة القدم مع ذلك كانت تتمتع بمكانة متميزة على هذه الجزيرة بوصفها اللعبة الشعبية الأولى للغالبية من السود والتي لا يطيق الاتحاد الدولي الخاص بها العنصرية. كانت مباريات كرة القدم على روبن آيلاند تلعب وفقا للوائح الفيفا بينما كان المساجين يتزاحمون حول الراديو للاستماع إلى مباريات كأس العالم.
وباتت جنوب أفريقيا مستنقعا للعقوبات الرياضية مما حرم البلاد من المشاركة في جميع البطولات الرياضية الكبيرة فيما أوجع دولة التمييز العنصري وضغط على نظامها الحاكم للتفاوض بشأن رحيله من السلطة.
وفي شباط/فبراير 1990 ، أعلن رئيس جنوب أفريقيا السابق إف دبليو دي كليرك بشكل مفاجيء أنه قرر إطلاق سراح مانديلا بشكل غير مشروط ورفع الحظر المفروض على حزب المؤتمر الوطني الأفريقي.
وفي غضون أربعة أعوام فقط تولت حكومة جديدة بقيادة المؤتمر الوطني الأفريقي السلطة في جنوب أفريقيا ولم تعد البلاد بعدها "بغيض العالم" على حد قول مانديلا نفسه.
ولكن رائحة التشاؤم بدأت تفوح من جديد في جنوب أفريقيا في الأشهر القليلة الماضية.
فقد عاد التوتر بين المحافظين البيض والوطنيين السود للظهور على الساحة من جديد ، وأبدى كلا الطرفين خيبة أمله بسبب بطء التحول الذي كان من المفترض أن تشهده البلاد في فترة ما بعد سياسة الفصل العنصري.
أما الغالبية المعتدلة في جنوب أفريقيا فتأمل في إحياء تراث مانديلا المتعلق بالتسامح والصلح.
وتقديرا للمناضل المحنك الذي سيبلغ عامه الثاني والتسعين بعد أسبوع واحد من نهائي كأس العالم في 11 تموز/يوليو المقبل فقد طالب جاكوب زوما رئيس جنوب أفريقيا مواطنيه بالمساعدة على إنجاح بطولة كأس العالم "تكريما له (مانديلا)"
لا يبدو أن جوزيف بلاتر رئيس الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا) كان يعتقد أن هذا كان يمكن أن يحدث عندما قرأ اسم الدولة الفائزة بحق تنظيم المونديال في 15 أيار/مايو 2004 بمدينة زيورخ السويسرية.
حيث قال بلاتر وقتها : "إنك المهندس الحقيقي لبطولة كأس العالم هذه ، فوجودك وإلتزامك كانا سببا في تحقيق هذا الحلم" مخاطبا مانديلا المبتسم ذو الشعر الأبيض الكثيف بعد إعلان فوز جنوب أفريقيا بشرف تنظيم المونديال في محاولتها الثانية.
وبالنسبة لمانديلا ، الذي كان تنحى عن منصبه الرئاسي قبلها بخمسة أعوام ولكنه كان لايزال يتمتع بتأثير كبير ، فقد جاء إعلان الفيفا كاعتراف مدوي بقيادته.
وخلال عشرة أعوام من سقوط نظام الفصل العنصري بجنوب أفريقيا فازت دولة قوس قزح ، كما يعرف عن جنوب أفريقيا ، التي قادها مانديلا إلى الديمقراطية بشرف تنظيم المونديال.
وقال مانديلا /85 عاما آنذاك/ في سعادة غامرة لدى سماعه هذا الخبر : "أشعر أنني شاب في الخامسة عشرة من عمري".
وشن زعيم حزب المؤتمر الوطني الأفريقي حملة قوية لتفوز بلاده بشرف تنظيم كأس العالم 2010 مؤمنا بأن مفتاح الصلح بين السود والبيض في جنوب أفريقيا يكمن في بناء هوية مشتركة ، وهو الهدف الذي يمكن تحقيقه عن طريق عيش اللحظات المشتركة في الأحداث الرياضية.
إنها الوصفة التي جربها مانديلا من قبل وحققت نجاحا كبيرا عندما استضافت بلاده بطولة كأس العالم للرجبي عام 1995 بعد عام واحد من خوض جنوب أفريقيا أول انتخابات ديمقراطية بالبلاد.
ويتناول الفيلم السينمائي "إنفيكتس" للمخرج الأمريكي كلينت إيستوود الذي أنتج عام 2009 قصة نجاح مانديلا في حشد الجماهير السوداء لتشجيع فريق "سبرينجبوكس" ، في بادرة للنوايا الحسنة تجاه مواطني جنوب أفريقيا البيض المحبين لرياضة الرجبي.
وتبادل السود والبيض الأدوار في العام التالي عندما أحرز المنتخب الوطني لكرة القدم الذي يتكون غالبيته من اللاعبين أصحاب البشرة السمراء لقب بطولة كأس الأمم الأفريقية.
وبحلول عام 2000 كانت جنوب أفريقيا ، بفضل مانديلا ، قد اكتسبت خبرة واسعة في استضافة البطولات الرياضية الكبيرة تمكنها من تقديم طلب استضافة كأس العالم.
ورغم أن مانديلا جاب بنفسه دول العالم لجمع الأصوات لبلاده ، فقد خسرت جنوب أفريقيا بفارق ضئيل أمام ألمانيا بعدما غابت نيوزيلندا بشكل مفاجيء عن التصويت لاختيار الدولة المضيفة لكأس العالم 2006 مع العلم بأنها كانت تعهدت مسبقا بدعم جنوب أفريقيا.
وبعد أربعة أعوام فقط تقدمت جنوب أفريقيا بملف جديد لاستضافة المونديال تحت عنوان : "حان وقت أفريقيا ، وجنوب أفريقيا مستعدة".
ولم يترك مانديلا شيئا للصدفة هذه المرة.
وقال مانديلا : "لقد مر 28 عاما على اتخاذ الفيفا موقفه ضد كرة القدم المقسمة بسبب العنصرية ، فيما ساعد على استلهام القصة الأخيرة في الصراع ضد الفصل العنصري" مذكرا الفيفا بقراره عندما استبعد جنوب أفريقيا التي كان يحكمها نظام الفصل العنصري من سجلاته عام 1976 ، وهو العام نفسه الذي شهد عمليات القمع الدموية ضد الطلاب المتظاهرين في مدينة سويتو.
وواصل مانديلا حديثه مشيرا إلى أنه في سجن "روبن آيلاند" الذي أمضى فيه 18 عاما من إجمالي فترة اعتقاله التي إمتدت إلى 27 عاما خلف القضبان "كانت كرة القدم هي البهجة الوحيدة التي يحظى بها المسجونون".
وإن كان هذا الأمر ليس صحيحا كلية لأن بعض المسجونين الآخرين كانوا يلعبون الرجبي أو ، كما في حالة مانديلا نفسه ، كانوا يلعبون التنس أحيانا أو الشطرنج أو يساعدون في تشجير حديقة السجن.
ولكن كرة القدم مع ذلك كانت تتمتع بمكانة متميزة على هذه الجزيرة بوصفها اللعبة الشعبية الأولى للغالبية من السود والتي لا يطيق الاتحاد الدولي الخاص بها العنصرية. كانت مباريات كرة القدم على روبن آيلاند تلعب وفقا للوائح الفيفا بينما كان المساجين يتزاحمون حول الراديو للاستماع إلى مباريات كأس العالم.
وباتت جنوب أفريقيا مستنقعا للعقوبات الرياضية مما حرم البلاد من المشاركة في جميع البطولات الرياضية الكبيرة فيما أوجع دولة التمييز العنصري وضغط على نظامها الحاكم للتفاوض بشأن رحيله من السلطة.
وفي شباط/فبراير 1990 ، أعلن رئيس جنوب أفريقيا السابق إف دبليو دي كليرك بشكل مفاجيء أنه قرر إطلاق سراح مانديلا بشكل غير مشروط ورفع الحظر المفروض على حزب المؤتمر الوطني الأفريقي.
وفي غضون أربعة أعوام فقط تولت حكومة جديدة بقيادة المؤتمر الوطني الأفريقي السلطة في جنوب أفريقيا ولم تعد البلاد بعدها "بغيض العالم" على حد قول مانديلا نفسه.
ولكن رائحة التشاؤم بدأت تفوح من جديد في جنوب أفريقيا في الأشهر القليلة الماضية.
فقد عاد التوتر بين المحافظين البيض والوطنيين السود للظهور على الساحة من جديد ، وأبدى كلا الطرفين خيبة أمله بسبب بطء التحول الذي كان من المفترض أن تشهده البلاد في فترة ما بعد سياسة الفصل العنصري.
أما الغالبية المعتدلة في جنوب أفريقيا فتأمل في إحياء تراث مانديلا المتعلق بالتسامح والصلح.
وتقديرا للمناضل المحنك الذي سيبلغ عامه الثاني والتسعين بعد أسبوع واحد من نهائي كأس العالم في 11 تموز/يوليو المقبل فقد طالب جاكوب زوما رئيس جنوب أفريقيا مواطنيه بالمساعدة على إنجاح بطولة كأس العالم "تكريما له (مانديلا)"